عدد سكان فلسطين 2024

عدد سكان فلسطين: قراءة شاملة في التوزيع الديموغرافي والتحولات السكانية

تُعدّ فلسطين واحدة من أكثر المناطق حساسية وتعقيدًا من الناحية الديموغرافية، ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي وتاريخها الطويل والمتشابك، بل أيضًا بسبب الوضع السياسي الذي أثّر بشكل مباشر على نمو السكان وتوزيعهم وتحركاتهم داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها. تتكون فلسطين المعاصرة من منطقتين رئيسيتين خاضعتين للسلطة الفلسطينية بدرجات متفاوتة، وهما الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى القدس الشرقية التي تعتبرها السلطة الفلسطينية عاصمة مستقبلية لها، غير أن إسرائيل تفرض سيطرتها عليها. كذلك، يُضاف إلى هذا المشهد عدد كبير من الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات حول العالم، مما يجعل من الملف السكاني الفلسطيني متشعبًا ومترابطًا مع قضايا اللجوء والهوية الوطنية والسيادة.

التعداد السكاني العام للفلسطينيين (2024 – 2025)

وفقًا لآخر البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد سكان فلسطين التاريخية (الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية) حوالي 5.5 مليون نسمة بحلول منتصف عام 2024. وقد توزعت هذه الأرقام على النحو التالي:

أما إذا أُخذ في الاعتبار الفلسطينيون في الداخل الفلسطيني (أي مناطق 1948) والشتات، فإن العدد الإجمالي للفلسطينيين في جميع أنحاء العالم يُقدّر بنحو 14.5 مليون نسمة، موزعين على الشكل التالي:

• فلسطينيو الداخل (داخل الخط الأخضر – أراضي 1948): حوالي 1.9 مليون نسمة.

• الفلسطينيون في الشتات (خارج الأراضي الفلسطينية): ما يزيد عن 6.5 مليون نسمة، أغلبهم في الأردن، وسوريا، ولبنان، إضافة إلى جاليات واسعة في أمريكا اللاتينية، والخليج العربي، وأوروبا.

التركيبة الديموغرافية للسكان في الضفة وغزة

أولاً: الضفة الغربية

تُعدّ الضفة الغربية أكبر مساحة من قطاع غزة، لكنها أقل كثافة سكانية. تمتاز بتنوع تضاريسها بين الجبال والسواحل والسهول، وقد ساعد ذلك على توزيع السكان في مدن وقرى متعددة من أبرزها رام الله، نابلس، الخليل، بيت لحم، وطولكرم. يبلغ عدد سكان الضفة حوالي 3.25 مليون نسمة، يعيش معظمهم في المناطق المصنفة (A وB) حسب اتفاق أوسلو، بينما تخضع المناطق المصنفة (C) لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.

تُظهر البيانات أن معدل النمو السكاني في الضفة مستمر، ولكن بوتيرة أبطأ من غزة بسبب الهجرة الداخلية والخارجية وكذلك الظروف الاقتصادية والسياسية.

ثانيًا: قطاع غزة

يُعدّ قطاع غزة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في العالم، حيث يعيش حوالي 2.3 مليون نسمة على مساحة لا تتجاوز 365 كيلومتر مربع، بكثافة سكانية تفوق 6,000 نسمة لكل كيلومتر مربع. يعيش السكان في ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة للغاية نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2007، وارتفاع نسب البطالة والفقر، وانعدام الأمن الغذائي لدى نسبة واسعة من السكان.

رغم ذلك، فإن معدل الخصوبة في غزة لا يزال من الأعلى على مستوى المنطقة، حيث تبلغ الخصوبة حوالي 3.9 مولود لكل امرأة، ما يدفع السكان إلى الزيادة سنويًا بنسبة تقترب من 2.4%.

الهيكل العمري والتركيبة السكانية

يشير الهيكل العمري للفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية إلى أن المجتمع الفلسطيني يُعد من المجتمعات الفتية. فوفقًا لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2024، فإن:

• حوالي 38% من السكان تقل أعمارهم عن 15 عامًا.

• حوالي 59% تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا.

• فقط 3% تتجاوز أعمارهم 65 عامًا.

يعكس هذا التوزيع ارتفاع معدل الخصوبة وانخفاض نسبة كبار السن مقارنة ببعض المجتمعات العربية الأخرى. كما أن هذه النسبة المرتفعة من الشباب تُشكّل تحديًا تنمويًا كبيرًا من ناحية توفير التعليم، الصحة، وفرص العمل.

اللاجئون الفلسطينيون وتوزيعهم العالمي

يُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بأكثر من 5.9 مليون لاجئ حتى عام 2024، ويعيش هؤلاء اللاجئون في خمسة أقاليم رئيسية:

• الأردن: أكثر من 2.2 مليون لاجئ.

• الضفة الغربية: نحو 900 ألف لاجئ.

• قطاع غزة: حوالي 1.5 مليون لاجئ.

• لبنان: نحو 500 ألف لاجئ.

• سوريا: حوالي 400 ألف لاجئ.

يعيش العديد من هؤلاء اللاجئين في مخيمات مكتظة، ويواجهون تحديات مستمرة على صعيد الخدمات والبنية التحتية والاعتراف القانوني، خاصة في لبنان وسوريا.

التحديات المرتبطة بالزيادة السكانية

إن التزايد المستمر في عدد السكان داخل الأراضي الفلسطينية، وخاصة في قطاع غزة، يفرض مجموعة كبيرة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. من أبرز هذه التحديات:

1. أزمة الموارد: تعاني فلسطين من شح كبير في المياه، وانقطاع دائم للكهرباء، وندرة في مصادر الطاقة والموارد الطبيعية.

2. البطالة: تجاوزت نسب البطالة في قطاع غزة 46% عام 2024، في حين تقترب من 15% في الضفة الغربية.

3. الهجرة: دفعت الظروف المعيشية الصعبة وخاصة بين الشباب إلى التفكير في الهجرة، رغم القيود الكبيرة على ذلك.

4. البنية التحتية: تعاني معظم المدن من ضعف شبكات الطرق والصرف الصحي، والمدارس والمستشفيات تعاني من اكتظاظ حاد.

مستقبل النمو السكاني الفلسطيني: التوقعات حتى عام 2050

تشير التقديرات السكانية المستقبلية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أنه في حال استمرار المعدلات الحالية للخصوبة والنمو، فإن عدد السكان داخل الأراضي الفلسطينية قد يتجاوز 8.5 مليون نسمة بحلول عام 2050. أما مجموع عدد الفلسطينيين في العالم فقد يصل إلى 20 مليون نسمة إذا استمرت معدلات النمو والشتات بنفس الوتيرة.

لكن هذا النمو لا يمكن النظر إليه فقط من زاوية رقمية، بل يستوجب وضع سياسات وطنية واستراتيجيات للتعامل مع تداعياته الاقتصادية والاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بسوق العمل، والإسكان، والتعليم، والخدمات الصحية، والبنية التحتية.

التركيبة الدينية والإثنية

يمثل المسلمون الأغلبية الساحقة من السكان الفلسطينيين داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، بنسبة تتجاوز 97%. كما توجد أقلية مسيحية تقيم في مدن مثل بيت لحم ورام الله والقدس، وقد تناقص عددها خلال العقود الماضية بسبب الهجرة والظروف الاقتصادية والسياسية.

لا توجد تركيبة إثنية متعددة داخل المجتمع الفلسطيني، بل هناك تجانس إثني عالٍ، إلا أن الظروف السياسية فرضت نوعًا من التمايز في أنماط الحياة بين الفلسطينيين في غزة، والضفة، والقدس، وداخل أراضي 1948، إضافة إلى الشتات.

خلاصة إحصائية مقارنة: فلسطين بين دول الجوار

المراجع

1. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (PCBS)، تقرير التقديرات السكانية، 2024

2. وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA)، تقارير اللاجئين، 2024